لوحات أحمد مهنا تقرأ آلام غزة على أدراج مسرح بيروت
لا يستطيع من يقرأ لوحات أحمد مهنا ألا يرى غزة بتاريخها قبل هذه الإبادة. واليوم، كما فعل من قبل، يواصل الفنان الفلسطيني من غزة هذا الطريق الفني المحفوف بالموت والحزن والألم. لكن لوحاته عرفت، أيضاً، أن تسافر وتتنقل. وحين وصلت بيروت من خلال جائزة أبو ستة غيلبرت ومركز الأرض في الجامعة، أقامت الجامعة معرضاً لأعمال مهنا، تضمن ٢٨ عملاً من أعماله المدمرة التي كان قد أنجزها قبل الحرب، وتحت وطأتها كذلك. وأتى المعرض تحت عنوان: "جائزة أبو ستة للعمل الإنساني، إحياء الفن الغزي المدمر، أعمال أحمد مهنا نموذجا". وهنا، ربما تجدر الإشارة قبل الحديث عن أعمال الفنان المتنوعة، أننا بانتظار معرضه القادم في مترو المدينة، للحديث أكثر عنه كفنان فلسطيني وغزي عاش حرب الإبادة وقاومها فنياً، الأمر الذي يبدو جلياً في الأعمال التي شملها المعرض الذي حدث داخل الجامعة الأميركية في بيروت، حيث تنوعت الأعمال ما بين الديجيتال والرسومات (أكريليك على كانفاس ، وحبر وفحم على ورق) ، وتنوعت مضامينها الإنسانية والثورية والوجودية، التي عمقها أسلوبه المميز الذي تشف عنه الأعمال كونها قادمة من مكان يحمل هذه المعاني والمضامين في مقاومته للاحتلال. فنرى، مثلاً، لوحة "سلام" وكأنها تخرج من قنبلة، ليكتب الفنان تحت اللوحة: ليست أجنحة ولا حمامة، هل هي صرة لجوء لا تشبه الخيمة؟ لا هي برتقالة، ليست قلباً، هل هي قنبلة؟ هكذا يسأل احمد، لا كي يحيرنا، بل يجعل أسئلتنا مقدمة لكل شيء اسمه مستقبل، أو سلام موهوم في هذا العالم.

مترو المدينة، بيروت
ضمن الفعاليات الأخرى التي تمد جسور التضامن والحياة لغزة، معرض آخر يحدث بالتزامن مع عرض في مترو المدينة لكوميديان فلسطيني هو عامر زاهر، حيث تم عرض ٦ لوحات لمهنا على مسرح المترو بالإضافة إلى بوسترات عن أعماله، وذلك ضمن مزاد علني، وذلك لتشجيع دعم الفنان. وبذلك تأتي هذه المبادرة المهمة من مركز الأرض وجائزة ستة غيلبرت لهدفين؛ أولهما أن يعرف العالم في كل مكان زهور الأمل المتمثلة بالفن الفلسطيني الطالع من المأساة الكونية في غزة، وأن يتعرفوا على القصص الحقيقية الممتزجة بألوان الفنانين كوثيقة للوقوف ثقافياً بوجه الإبادة. أما الهدف الثاني فيتثمل في دعمهم مادياً ومساندتهم كي يكملوا المسيرة بهذا الدفق. وقد بادر الجمهور هناك إلى شراء اللوحات المعروضة على المسرح، وتلك المطبوعة على شكل بوسترات أو على أطباق، مبدين اهتماماً واضحاً بأعمال الفنان. والجدير بالذكر أن أعمال الفنان المدمرة الكاملة موجودة على منصة Artzonepalestine التي تسعى إلى التعاون مع جهات عديدة بمن فيها فريق الجائزة ومركز الأرض إلى تنظيم معارض تضم أعمالاً فنية أبيدت في الحرب، بهدف دعم أصحابها الفنانين ومساندتهم.
في أعماله التي أنجرزها أثناء الحرب، رسم مهنا بالحبر على أوراق الكتب لوحات بعناوين مختلفة وخلفيات مختلفة، شملت صفحات من كتاب تاريخ، وأحياناً كتاب لغة عربية أو ديوان شعر، وكأن رسالته الآن لنا: ماذا سيبقى من الكلمات والكتب إن لم تفعلوا شيئا
تغريد عبد العال
شاعرة وكاتبة فلسطينية تقيم في لبنان
نُشِر بتاريخ ٢٠-٥-٢٠٢٥