حكاية لوحة

محمود أبو هشهش

أثارت فضولي تلك اللوحة التي يحملها ذلك الرجل في الصورة والذي يبدو صاحب العربة التي تحمل خيمة الفنان الصديق باسل المقوسي وأغراضه الضرورية التي أنهكها تعاقب النزوح والفصول والتعب، بعد أن وجد محط قدم له في المواصي.  دفعني الفضول إلى سؤال باسل عن سر تلك اللوحة. فقد غدا مستغرباً أن يرى المرء لوحة كانفاس مشدودة في غزة بعد أكثر من عشرة أشهر من الإبادة والتدمير. فما ينشره الفنانون من رسومات لا يتعدى كونه اسكتشات سريعة يتركونها على ما تيسر لهم من ورق ومواد وبال ووقت. 

أخبرني باسل أن هذه اللوحة حملها معه في محطات نزوحه المتعاقبة، بدءًا من رفح مروراً بدير البلح. ومنذ ذلك الحين، وكلما اضطر لنزوح جديد من مكان إلى آخر، كان أولاده يولون كل عنايتهم واهتمامهم بتلك اللوحة هامساً أحدهما للأخر بقلق شديد: دير بالك فهذه اللوحة أهم منك. 

وفي نزوح المواصي الأخير، ارتعب ابنه خوفاً حينما تسبب في كسر إطارها، وظن أن والده سوف يؤنبه غضباً على ذلك، فما كان من باسل إلا أن أكمل تكسير الإطار وتمزيق اللوحة صارخاً في صغيره: لا شيء أهم منكم ومن حياتكم!

لوحات الفنان باسل المقوسي خلال رحلة النزوح المستمرة

محمود أبو هشهش

كاتب وشاعر مقيم في رام الله

 

نُشِر بتاريخ  ٢-٩-٢٠٢٤